بسم الله الرحمن الرحيم

 

         هذا كتاب يتضمن مباحث تتناول الخصوصيات التي تميز المنظور الإسلامي لحقوق الإنسان، كما تتناول الهوية في مستقبلها ومواجهتها للتحديات، وفي مشاكل الأجيال الصاعدة من المغتربين لحفظها واستمرار التمسك بها. ثم هي تتناول التسامح مع النفس والغير، وتبرز الظاهرة الحضارية وفق الرؤية الإسلامية ومدى إمكان التواصل الأدبي عن طريق الترجمة، مع إثارة موقف الإسلام من الحرب وتوفيقه بين السلام والجهاد.

 

         وهي كلها تصب في سياق العلاقة بين الذات والآخر، أعني الذات باعتبارها رديف الكيان والشخصية، أي الوجود في حقيقة كينونته المتكاملة وماهيته التامة، بما يشكلهما من قيم ومقومات، وما لهما من قدرة على التفاعل وتبادل التأثر والتأثير ؛ وليس باعتبارها انطواء نفسيا أو مركزية أنانية أو محورية وهمية، مما لا شك يقود إلى تحكيم أحوال النفس المزاجية وإلغاء ما سواها، بما في ذلك الآخر وجميع ما يتصل به، وعدم الاعتراف بعد ذلك بكل ما يخالف تلك الأحوال أو يغايرها، في نزوع للهيمنة والتسلط.

 

         ومن ثم كان الانطلاق من الذات في الرؤية التي يحاول هذا الكتاب إلقاء الضوء عليها لا يتنافى مع قبول الآخر والتعارف معه ومحاورته بإيجاب يفضي إلى إيجاد نقـط الالتقاء والتقارب، وإلى التعاون وتبادل المنافع، على الرغم مما قد يكون معه – وهو كائن – من اختلاف هو لا شك حق أساسي لا مجال لإنكاره، وإن لم يعترف به في كثير من الأحيان.

 

         وقد يؤدي هذا الاختلاف – في حال عدم الاعتراف به – إلى خلاف يحيد بالعلاقات عن مجال السلم الذي ينبغي أن يسودها، إلى نزاع ثم إلى حرب وضع الإسلام لها شروطا وضوابط تحفظ لها حدودا لا يجب تجاوزها، حرصا على المصالح وصوناً للكرامة.

 

         والله ولي السداد والتوفيق والهادي إلى خير طريق.

 

الرباط 26 رمضان 1418هـ                                                                عباس الجراري

الموافق 25 يناير 1998م